سورة الممتحنة - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الممتحنة)


        


{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)}
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبْرَاهِيمَ والذين مَعَهُ} الأسوة هي الذي يقتدى به، فأمر الله المسلمين أن يقتدوا بإبراهيم الخليل عليه السلام وبالذين معه في عداوة الكفار والتبري منهم، ومعنى: والذين معه من آمن به من الناس، وقيل: الأنبياء الذين كانوا في عصره وقريباً من عصره، ورجح ابن عطية هذا القول بما ورد في الحديث: «إن إبراهيم عليه السلام قال لزوجته: ما على الأرض مؤمن بالله غيري وغيرك» {بُرَءآؤُاْ} جمع بريء {كَفَرْنَا بِكُمْ} أي كذبناكم في أقوالكم، ويحتمل أن يكون عبارة عن إفراد البغض والمقاطعة لهم {إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} هذا استثناء من قوله أسوة حسنة، فالمعنى اقتدروا بهم في عداوتهم للكفار، ولا تقتدوا بهم في هذا، لأن إبراهيم وعد أباه أن يستغفر له، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، وقيل: الاستثناء من التبري والقطيعة، والمعنى تبرأ إبراهيم والذين معه من الكفار، إلا أن إبراهيم وعد أباه أن يستغفر له {رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا} هذا من كلام سيدنا إبراهيم عليه السلام، والذين معه وهو متصل بما قبل الاستثناء، فهو من جملة ما أمروا أن يقتدوا به.


{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)}
{رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ} في معناه قولان: أحدهما لا تنصروهم علينا فيكون ذلك لهم فتنة وسبب ضلالهم؛ لأنهم يقولون: غلبناهم فيكون ذلك لهم، لأنا على الحق وهم على الباطل. والآخر: لا تسلطهم علينا فيفتنونا عن ديننا، ورجح ابن عطية هذا، لأنه دعاء لأنفسهم وأما القول الأول فهو دعاء للكفار، ولكن مقصدهم ليس الدعاء للكفار، وإنما هو دعاء لأنفسهم بالنصر بحيث لا يفتتن الكفار بذلك.


{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)}
{عَسَى الله أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الذين عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً} لما أمر الله المسلمين بعداوة الكفار ومقاطعتهم فامتثلوا ذلك على ما كان بينهم وبين الكفار من القرابة، فعلم الله صدقهم فآنسهم بهذه الآية، ووعدهم بأن يجعل بينهم مودة، وهذه المودة كملت في فتح مكة فإنه أسلم حينئذ سائر قريش، وقيل: المودّة تزوّج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب سيد قريش، ورد ابن عطية هذا القول بأن تزوج أم حبيبة كان قبل نزول هذه الآية.

1 | 2 | 3 | 4